حين يتحدث الطفل دون أن ينطق… كيف نقرأ ما لا يُقال؟


حين يتحدث الطفل دون أن ينطق… كيف نقرأ ما لا يُقال؟





الطفل لا يقول دائمًا ما يشعر به، لكنه دائمًا يُعبّر…

ليس بالكلمات، بل بنظراته، سكونه، عبوسه المفاجئ، حركات يديه أو حتى تجاهله لك.


فإذا كنت لا تقرأ هذا "الكتاب الصامت"،

فأنت تفقد نصف الطفولة… ونصف العلاقة.


في هذا المقال، لن نُحلل الطفل بل سنُصغي له… بعين العقل والقلب معًا.



⭐ لماذا يجب أن نفهم قبل أن نُعلّم؟

الكبار يسارعون لتعليم الطفل: الكلام، الأكل، الأدب، الصلاة…

لكنهم ينسون أن الطفل ليس آلة إدخال بيانات.

الطفل لا يستقبل منك، إلا إذا شعر أنك تفهمه.

لا تحاول أن تُعيد تشكيله قبل أن تفهم من هو فعلًا.


⭐ لغة الطفل الأولى ليست الكلام

أول لغة يتقنها الطفل هي "لغة التعبير الصامت".

حين يُخبئ رأسه في صدرك، حين يرسم شجرة ويصرّ على أنها "أمه"، حين يركض نحوك ثم يقف فجأة دون سبب…

هذه إشارات، لكنها ليست عبثية.

الطفل الذي يركّز عينيه كثيرًا يبحث عن أمان لم يجده بعد.

الطفل الذي يضحك في مواقف لا تضحك قد يُخفي قلقًا داخليًا.

الطفل الذي ينعزل فجأة لا يعني أنه خجول، بل قد يكون مجروحًا.


⭐ لا تُشخّص… استمع

أكبر خطأ نرتكبه مع الطفل هو أن نربط كل تصرف بـ"عناد"، "قلة تربية"، أو "دلال زائد".

لكن الحقيقة أعمق من ذلك.

الطفل يتصرّف حسب عالمه، لا حسب منطق الكبار.

كل سلوك عنده يحمل رسالة.

مهمتك كأب، أم، أو مربٍّ… أن تقرأ الرسالة لا أن تُمزّقها.


⭐ ما بين الصمت والكلام… منطقة اسمها "الحاجة"

عندما يصرخ الطفل، قد لا يريد لعبة، بل احتضانًا.

وعندما يُخطئ، لا يبحث عن عقاب، بل عن توجيه بهدوء.

وحين يغار، لا تكن قاسيًا… هو فقط يُريد أن يشعر أنه موجود.

الطفل يحتاج إلى أن يُرى، يُفهم، يُحترم…

لأن الشعور بالإهمال، حتى لو لم يُقال، يبقى في ذاكرته لسنوات.


⭐ الطفل مرآة… لكنه لا يكذب

الطفل يراك أكثر مما تسمعه.

إن صرخت، صرخ. إن تجاهلت، انسحب. إن كنت متناقضًا، تشوّهت صورته.

سلوكه انعكاس لصورتك فيه…

فهل تُعجبه هذه الصورة؟ وهل تعجبك أنت؟


⭐ الطفل لا يريد منك أن تكون مثاليًا، بل صادقًا

لا تحاول أن تكون "الكبير دائمًا"،

كن إنسانًا أمامه.

قل له أحيانًا: "أنا لا أفهم، ساعدني لأفهمك".

بهذه الجملة… تفتح له باب الثقة مدى الحياة.


⭐ الخلاصة:

الطفل ككتاب مفتوح…

لكن لا يُمكن قراءته بالعين فقط، بل بالقلب أيضًا.

إذا أردت أن تربي طفلًا سعيدًا… فافهمه أولًا.

وإذا أردت أن يفهمك… فلا تُغلق الصفحة كلما اختلف عليك السطر.

الطفل لا يكذب… فقط يكتب مشاعره بسلوك يصعب ترجمته لمن لا يُتقن لغته.


تعليقات